لطالما أسست دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لشراكات استراتيجية وتجارية مهمة

لذلك تأتي اتفاقية منع الازدواج الضريبي الموقعة بين الدولتين لتشكل الحجر الأساس لتنمية المناخ الاستثماري والاقتصادي بين البلدين ولتشجيع الفرص الاستثمارية وتحقيق الأهداف الإنمائية لكلا البلدين

تعد هذه الاتفاقية الأولى من نوعها وأهميتها. فالمملكة العربية السعودية التي هي عضو في مجموعة العشرين ولاعب رئيسي في اقتصاد دول مجلس التعاون وفي أسواق النفط العالمية، حريصة دوماً على تعزيز البيئة الاستثمارية الواعدة. وكما المملكة كذلك دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحرص دوماً على مواصلة وتعزيز دورها الجاذب لرؤوس الأموال وللاستثمارات الأجنبية

كلتا الدولتان المتعاقدتان أعضاء في مشروع ” تآكل القواعد الضريبية ونقل الأرباح” الذي تقوده منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، والذي يمثل خطوة مهمة في الاتجاه للسعي الدائم لمنع الشركات المتعددة الجنسيات من تحويل الأرباح بشكل صوري إلى الأماكن التي تطبق ضرائب منخفضة. كما أن كلتا الدولتان المتعاقدتان قد وقعتا اتفاقية متعددة الأطراف والخاصة بتنفيذ التدابير المتعلقة بالمعاهدات الضريبية من أجل منع تآكل القاعدة الضريبية ونقل الأرباح

لذلك، فإن توقيع مثل هذه الاتفاقية الثنائية يعتبر خطوة جديدة نحو الامتثال لأدنى معايير “مشروع تآكل القواعد الضريبية ونقل الأرباح”، لا سيما فيما يتعلق بالشفافية وبتجنب الضريبة، كما أنها تسير جنباً إلى جنب مع تشريع التسعير التحويلي الشامل الذي تم نشره مؤخراً في المملكة العربية

توضح هذه المقالة الملامح الرئيسية للاتفاقية الثنائية الموقعة، وآثارها الضريبية على الشركات العاملة في كلتا الدولتين في نطاق فض النزاعات التعلقة بالاتفاقية

نصت الاتفاقية المذكورة على إجراءات مشتركة يمكن طلبها من السلطة المختصة في أي من الدول المتعاقدة، وذلك في غضون ثلاث سنوات من تاريخ أول إخطار بالإجراء الذي أدى إلى فرض ضرائب لا تتوافق مع أحكام هذه الاتفاقية

تُعفى الاستثمارات المملوكة من الحكومات (كاستثمارات البنوك المركزية والهيئات المالية والهيئات الحكومية) من الضرائب المفروضة في الدولة المتعاقدة الأخرى. كما أن العائد من هذه الاستثمارات (بما في ذلك نقل الاستثمار) معفى أيضاً، إلا أنه لا يشمل الممتلكات غير المنقولة أو الدخل الناتج عن تلك الممتلكات

تتناول المادة (25) من الاتفاقية حل المشكلات الناشئة عند تطبيق أحكامها (كالمشاكل الناتجة عن الإجراءات الخاصة بالاتفاقية مثلاً). كما أنها تطلب من السلطة المختصة لدى كلتا الدولتان الاتصال مع بعضها البعض مباشرة (وليس عن طريق القنوات الديبلوماسية) لحل الشكاوى المقدمة من الأشخاص

وعلى الرغم من أن محاكم كل دولة قد يكون لديها تصور محلي لقضايا معينة، فإن المادتين (31) و (32) من اتفاقية فيينا قد سمحتا للمحاكم المحلية عموماً بمساءلة أحكام المعاهدات وتحليلها وفقاً للمفهوم المحلي

وعلى عكس أحكام تسوية المنازعات وفقاً لأحكام القانون المحلي، وكممارسة عامة على الصعيد الدولي، يمكن تطبيق المادة (25) من الاتفاقية من قبل شخص خاضع للضريبة قبل فرض الضريبة، إذا اعتبر هذا الشخص أنها مجحفة بحقه، وبصورة عامة، يجب أن تقدم هذه الشكوى على أساس أن الإجراء الضريبي غير العادل هو أمراً محتملا وليس ممكناً فقط

السؤال الذي يطرح نفسه فيما يتعلق بطرق التقاضي الإدارية والدستورية لكل دولة، هو إذا اتخذت السلطة المختصة في أي من الدولتين قراراً يعتبر غير دستوري، فهل يمكن الطعن فيه أمام الدوائر الدستورية لأي من الدولتين؟ إذا لم يوافق أحد على القرار، هل يستطيع الطعن به أمام الدوائر الإدارية لأي من الدولتين؟ ما هي القواعد التي ستكون لها الاسبقية؟

موضوع آخر يجب أخذه بعين الاعتبار هو نص المادة 25(1) من الاتفاقية التي تستوجب “إخطار الشخص بحدوث الإجراء في غضون ثلاث سنوات من تاريخ أول إخطار الذي أدى إلى فرض ضرائب لا تتوافق مع أحكام الاتفاقية”. وهو ما يثير عدة تساؤلات حول ما إذا كانت فترة الثلاث سنوات لا تزال سارية إذا كانت عملية التقاضي المحلية قيد التنفيذ، أو ما إذا كانت الفترة ستبدأ بعد صدور حكم قطعي

إن تأثير الشخص الخاضع للضريبة على الطعن في مسألة ما خلال الإجراءات المحلية وبالتوازي مع إطلاق الاتفاقية الثنائية يجب أن ينظر فيه

وقد لوحظ أيضاً في التعليقات العامة على الاتفاقية الضريبية النموذجية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2014 التي كانت نموذج هذه الاتفاقية، أن العقوبات الجنائية التي تفرضها المحاكم المحلية أو سلطات الادعاء لن تخضع للإجراءات المنصوص عنها في اتفاقيات منع الازدواج الضريبي بين الدول

ووفقا للممارسة العامة، لن تتمتع السلطة المختصة بصلاحية تخفيض هذه العقوبات الجزائية أو إلغاؤها

كتوضيح لهذه الشكوك بين الطعون والإجراءات أمام المحاكم، وافقت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بتاريخ 21 نوفمبر 2017، على تعديلات على نموذج ال أو أي سي دي (OECD)، والتي تتضمن إدراج إجراءات التحكيم إلى المادة 25

حيث نصت الفقرة الخامسة من المادة (25) من إصدار 2017 على أنه في الحالات عندما تكون الهيئات المختصة بالدول المعنية غير قادرة على التوصل إلى اتفاق بخصوص إيجاد حل شكوى في غضون عامين، سيتم الحل، بناء على طلب الشخص الذي قدم القضية، من خلال آليات تحكيم. سواء كانت هذه الآلية سيتم اعتمادها بين المملكة ودولة الامارات هو احتمال بالنظر إلى ان هذه الاتفاقية في مراحلها الأولى

في الوقت الحالي، هناك اجماع عام على أنه بالنظر لعدم وجود محكمة دولية خاصة بالضرائب لتقديم أصول تفسير هذا النوع من الاتفاقيات، لا يوجد توحيد معين للتفسيرات، والمحاكم في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قد تفسر الاتفاقية بطريقة مختلفة إذا تم طرح القضايا بموجب هذه الاتفاقية وفقا للإجراءات المحلية

أخيراً، نظرا لأن المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي أصبحوا أكثر انسجاما مع تطبيق المعاهدات داخل دول مجلس التعاون، ونظراً لظهور زيادة بالتحكيم بين المستثمرين والدول طبقا لهذه المعاهدات في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، يمكن للمستثمرين الإماراتيين أو السعوديين النظر في طعن قرار الازدواج الضريبي غير المؤاتي من خلال التذرع بمعاهدات حماية الاستثمار التي عادة ما تكون أكثر مرونة عن طريق توفير فرصة للمستثمرين للجوء إلى التحكيم

علاوة على ذلك، قد يختار المستثمرون اللجوء مباشرة إلى معاهدة حماية الاستثمار كطريقة مسرعة للوصول إلى إجراءات التحكيم دون انتظار سنتين لإصدار قرار بخصوص شكوى من قبل السلطة المختصة بأي من المملكة العربية السعودية أو دولة الامارات

Require assistance?

Contact us

Melbourne:            +61 3 8691 3150
Dubai (DIFC):        +971 600 521 607
Toronto:                  +1 416 645 6426
Abu Dhabi:            +971 600 521 607